الاثنين، 11 يونيو 2012

إن الـعيون التي في طرفها حَـوَرٌ*** قَـــتَلْننا ثـم لـــم يـــحيين قـــــتلانا

بحثت في النت عن مصادر ومعلومات بخصوص موضوع التحرش الجنسي ضد الأطفال (كمراجع تغني قراءتي لهذا الموضوع الذي أعد بحثا عنه). وبالصدفة عثرت على فيلم كارتوني يعلم الأطفال الفرق بين أنواع اللمسات وكذلك النظرات بطريقة مقربة -إلى حد ما- من مفهومهم واستيعابهم. هذا الفيلم ولّد تساؤلات واستفسارات كثيرا ما كنت أتجاهل الخوض فيها. لن أكتب عن موضوع التحرش الجنسي. فبإذن الله سوف أنشر البحث بعد انتهائي منه. وسأكتب ملخصا للنتائج والتوصيات في مدونتي. ما سأكتب عنه اليوم هو كيف يتلق المتحدث والمتحَدث إليه نظرات الآخر، وكيف يفسرها.
بالنسبة لي لغة العيون تعتبر مفصلا مهما في سير علاقاتي مع الآخرين. ربما تولدت لدي دقة الملاحظة من خلال دراستي للفنون وتذوقها بشكل عام. فمن خلال خبرتي في مجال التخصص -وبالحياة عموما- أصبحت أستطيع التمييز بين نظرات البشر (وحتى أحيانا لغة عيون الحيوانات بدون مبالغة). هذا الموضوع بدأ يأخذ حيزا ومساحة من تفكيري في محاولة مني لصياغة شكل معين، أو وصف دقيق لهذه اللغة وترجمتها إلى أدلة وبراهين. مثلها كمثل لغة الجسد. مع فارق أن لغة الجسد لها أيدٍ، وأذرع، وأصابع وحركات للجسم، ووضعيات لأعضائه. بعكس العيون التي ترسل لنا موجات وترددات ونظرات، لا يستطيع كل مراقب ومشاهد أن يفسرها أو حتى يصنفها بشكل علمي.
أرجو أن أوضح أمرا: حديثي ليس عن شكل العيون وكيف خلقها الله (كبيرة، أو صغيرة، أو واسعة، أو ضيقة... إلخ) فحديثي هنا عن النظرات التي تولدها هذه العيون.
من خلال ملاحظاتي الشخصية تبين لي بأن هناك عدة سمات للنظرات أستطعت أن أصنفها حسب فهمي لها فيما سأعرضه فيما يلي.
أبدأ أولا بالعيون التي تشع بريقا. فأنت لا تملك أمامها سوى التوقف والاستمرار في متابعة ما يقوله صاحبها بكل شغف ومحبة. هي عيون جميلة الشكل يخرج منها شرارت ضوئية جميلة، أكاد أسمع لها صوتا يشبه صوت السحر الجميل. 
نوع آخر من العيون يرسل إليك نظرات تخترق عظمك، وتكون مركزة بشكل يشعرك بعدم الراحة. أحيانا يصادفني مثل هؤلاء، وكنت أتهرب من نظراتهم فعليا وحرفيا؛ فلا أجر معهم أية حوارات.
العيون التي تتصف بالوقاحة هي نوع آخر. وكثير ما تجعلني في رغبة لإغلاق عيني لكي لا ألوثهما بهذه النظرات. هي لا تكون وقحة نتيجة موقف معين، ولكنها طبيعة اكتسبها صاحبها من نفسيته المريضة. فينظرون إليك وكأنك ملك مستباح، يتنقلون في تفاصيلك دون حياء ولا خجل. كثيرا ما تجد أصحاب النظرات الوقحة من أصحاب النفوس الحاسدة، والتي تستكثر ما يظهر عليك من خير أيا كان نوعه وحجمه، ويعتبرونك حقا من حقوقهم.
نوع آخر من النظرات أسميته القليلة الأدب! فالنظرات قليلة الأدب تنظر إليك وكل همها أن تشعرك بأنك أقل من أصحابها، وبأنك لا قدر لك. تشعرك بالدونية، وكأنك خادم يجب أن يطيع أوامرهم. وللأسف يطلقون عليك هذه النظرات حتى قبل أن يعرفوا من أنت ومم تتكون. أغلب الأحيان يكون أصحاب النظرات قليلة الأدب من المتكبرين الذين يعكسون نفسية تشعر بالنقص، وتفتقد للرضى.
من النظرات التي تضحكني كلما نظرت إلى عيون أصحابها النظرات الغبية. أصحابها قد يكونون قمة في الذكاء لكن نظراتهم تخرج من عيون أخذت شكلا ساذجا؛ فتآزر الشكل مع النظرات فكونت انطباعا يوحي بالسذاجة والغباء. ومن أسوأ أنواع الصدف أن يكون صاحب هذه النظرات غبيا فعلا.
نظرات الحنان والحب والعطف وكل الصفات الرائعة تخرج من العيون كلها على اختلاف النظرات السابقة التي ذكرتها. لكنها لا تكون صفة عامة لأصحابها. بل هي نظرات تتأثر بموقف عاطفي سريع، فيصدر عن هذه العيون تلك الطيبة والمحبة، ثم سريعا ما تعود لتتقمص صفاتها الأصلية.
هذا موجز لرؤيتي وقرائتي الخاصة للغة العيون ونظراتها. هناك المزيد من التصنيفات والأنواع، لكني أكتفيت بنقل أبرز ما أشاهده من حولي وباستمرار.
تجمّل، وتصنّع، وتقمّص ما شئت من النظرات... لكن كن متأكدا بأني أستطيع قراءة وكشف ما يقع خلف هذا التصنع :-)

@Dr_Sadoun

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق