الثلاثاء، 31 يناير 2012

عزيزتي... مملكتي

منذ بداية الأزمة في البحرين وحالة من التخبط والعشوائية تسود أفكار المواطن. فتارة يخرج من يقول: مطالب معيشية. وبعدها تحولت المعيشية إلى تسقيطية. ثم يخرج من يقول: حوار... وكان الرد: محال.
تفاجئنا ليلة أمس بتردد إشاعات عن تلقي بعض الشخصيات وبعض الجهات لدعوى حوار وطني. من أين خرج هذه الحوار؟ وهل هناك محاور جديدة تختلف عن محاور مبادرة سمو ولي العهد؟ هل نحن من نمثل الشارع السني (ولا أتكلم عن جمعيات وتمثيلات سياسية) لنا وجود في هذا الحوار؟
إن ما يثير دهشتي تردد مثل هذه الأنباء -والتي أعلم يقينا أنها ليست وليدة الأمس- في وقت ترجح فيه كفة الدولة، وتتراجع فيه كفة المعارضة. فبعد تصريح معالي وزير الداخلية أحسسنا بعودة القانون، وبإمكانية تطبيقه بعد سنة كاملة من التنازل وعدم التفعيل. وماذا حدث؟؟؟ ولد حوار وطني.... مبروك ويتربى في عزكم.
من هم أطراف الحوار؟ هل علي سلمان، والمرزوق، وبلبل البحرين من سيمثل المعارضة؟؟!!! هل سنستمر في معادلة إرضاء كل حكومات العالم الغربي، وعوالم الفضاء الخارجي وننسى المواطن البحريني؟
عزيزتي مملكة البحرين: لقد قدمنا في هذه الشهور الماضية ما لم نحلم بتقديمه في حياتنا قط....أتكلم عن حجم ما تم تقديمه وكثافته. لم أتصور يوما قدر الألم وقدر الدموع وقدر الاكتئآب الذي مر بنا. إن ما قدمناه من قلق وسهر وتخطيط وتدبير فاق قوة صمتنا وتحملنا. وجعلنا جميعا في كافة مواقعنا نتكلم السياسة، ونحلل المواقف، ونشارك بالمقترحات، ونبادر بالتطوع في أي مجال تم استدعاؤنا إليه.
عزيزتي مملكتي: لا تخذلينا ولا تقبلي المساومة على أساسيات هي خطوط حمراء لدينا نحن أبناؤك السنة. نحن لم نحرق، ولم نعطل، ولم نخرب، والأهم: لم نخن. كوني لنا السند كما نحن لك الجند والعون. إن كان موقفك المتجاهل لوجودنا هو جزء من سياستك لعودة الأمن والأمان لجزيرتنا الصغيرة، فأنا أقول هو ثمن قليل دفعناه وسندفعه فداء لذلك. وإن كان ذلك بدعوى التجاهل للتجاهل..... فسأدع الاجابة ليقررها الزمن.
عاشت مملكة البحرين

الثلاثاء، 24 يناير 2012

شمس جديدة

سطعت شمس جديدة... تختلف عن شموس الدنيا
بالأمس كان النهار مظلما
كانت به عيون تبحث عن النور
تبحث عن أمان يهديها الطريق


أما اليوم... فقد كان الشروق بديعا
علت به الشمس فوق ظلمات الماضي
أطفأت بلهيبها الدافئ حرائق الألم
ومسحت من سمائها غصات وغصات


سألوني: من أين لك هذا التألق والجمال؟
من زرع التورد في خديك بعد أعوام الجفاف؟
أجبت إنه سر الوجود وغاية النفوس
يقترب مني ويهمس في أذني
يعلمني معانٍ وكلمات....


إنه الأمل.... يدنو مني ويدنو أكثر
كان في الأمس بعيدا.. أناديه فلا أسمع إلا صداي
لكنه الآن بدأ يغازلني
ويرمي في طريقي
جُمَلا كلها نور
ترتفع لترشدني دربي
وها هي تتوزع أمام عيني وأمام فكري
فتغير مجرى حياتي من ظلام وتعاسة
إلى سلام وسعادة
تلك شمسي الجديدة
ولدت ولادة عسرة... لكنها في آخر الأمر... أشرقت وأشرق أملها.





@Dr_Sadoun

الثلاثاء، 17 يناير 2012

حلم





استيقظت يوما على ملامح حلم رقيق. حلم كان أقرب ما يكون للوحة من اللوحات السريالية التي بدأتُ في رسم البعض منها مؤخرا.
تكوينات حلمي جزء من واقعي ..... تتناغم فيه أمنيات المستحيل مع حقائق الممكن.
يبدأ حلمي بأرض سهلية خضراء، تتناثر فيها حجارة لامعة متعددة الألوان....
وبين مساحات اللون الأخضر المتدرج...... نبتت زهرتين: زهرة النرجس، وزهرة البنفسج... كلتاهما من أحب الزهور إلى قلبي.

تشكلت أرضية حلمي، وتوزعت فيها رواسخ جميلة من طيف ذكرياتي. فها هي زهرة النرجس قد نبتت من بين ذكريات طفولتي.
إنها أول زهرة زرعتها في حياتي.... علمتني الكثير...تعلمت منها أن أساس الشيء ليس له علاقة بشكله النهائي. تماما كما هي حقيقة الدودة.... شكلها قبيح... تزرع في نفسي معاني التطفل.... ولكنها تستتر بخجل في شرنقتها، ثم تتمخض وتخرج كائنا خياليا...
وهكذا هي زهرة النرجس. تزرعها في الأرض بصلة.... فتخرج لك زهرة عَطِرة....

وفي وسط لوحتي الحالمة... نبتت فتاة ملامحها كانت شرقية.
سمراء بلون القمح....و شعرها أسود كوشاح حريري تحمله نسمات حلمي في حركة سحرية. ومن بين حجارتي اللامعة سطع لون أزرق. شكله يشبه صندوق مغلق
حملته الفتاة ورغبت في فتحه.
وجدته مليء بالكتابات وبالحروف من الخارج... حاولت فك سره وكشف غموضه،،
قرأت أول رسالة: هذا صندوق السعادة ... لن يُفتح إلا بقلبك.

حارت الفتاة في أمره.... قلبته لتراه من كل الزوايا..... وفي كل واجهة كانت تقرأ بين الحروف كلمة.... حب.
لم تفهم الفتاة سر ارتباط فتح السعادة بالحب.... لكنها وببراءة وعفوية...قررت فتح الصندوق بالقوة.
استعانت بالصخور وبكل الأدوات التي وجدتها في أرضية الحلم..... وأخيرا..... فٌتِح الصندوق.
خرجت منه كلمات على شكل غيوم بيضاء.... بعضها كان رماديا، لكن الغالبية كانت بيضاء.
وجدت نفسها تحاول الامساك بسراب يتبخر من بين يديها...
وما إن لامست يدها غيمات السعادة... حتى انتفض قلبها وولّد نبضة ذات إيقاع فريد.. عزف مع تصاعد كل غيمة لحنا ما سمعته في حياتها.
حملها هذا النبض على الرقص بخطوات رشيقة في قصر زجاجي شفاف شيده لها حلمي.
تمايلت كأجمل وردة تحركها نسمات الربيع الهادئة.... رقصت على أرضية تشبه الألماس في صفائها ونقائها.... وعكست كل تفصيلة من تفاصيل أحاسيسها الوادعة.

وبعد فترة أحست بالملل... كلا لم يكن شعورا بالتعب... فهي كانت تتهادى بين نسمة وأخرى... وكأن هذه النسمات هي من رسم لها تصميم رقصتها. أفاقت من نشوة الفرح لتجد أن قصرها الزجاجي قد اختفى.... واختفت من الأرض زهورها وصخورها.... اختفت الألوان من هذا المكان.... طغى اللون الرمادي في محيط حياتها.
بحثت عن نبضات قلبها فوجدته يخفق بإيقاع رتيب... اختفى اللحن من نبضاته.... واختفى الاهتزاز الرائع الذي كان يسري في جسدها.
وجدت الصندوق أمامها.... أخذته وبدأت تتعلم.....
خرجت منه كلمات حمراء كغيمات الشفق الأحمر..... جمعتها ورتبتها فكانت:
بدون أحاسيس الحب لا يمكن للسعادة أن تدوم
تعلم كيف تحب الآخرين.... وستجد الحب واقفا أمامك
سعادة الدنيا لا تعدلها بسمة.... محب
أحبك يعني.... أحترمك
أحبك يعني.... أهتم لأمرك
أحبك يعني.... لا تُسئ فهمي
أحبك يعني..... يؤلمني غضبك
أحبك لأنك إنسان.... أحبك لأنك وُجِدت في حياتي
الحب..... مرتبط بكل الناس وبكل المحيطين بك
الحب.... حب الناس، وحب العاشقين جميعا......

امتلأت لوحتي بغيمات وحروف..... وتحولت اللوحة من رسومات إلى كلمات.... ففهمت الفتاة... وتعلمت الدنيا معها سر السعادة..... فكان هذا السر هو.......حب الناس للناس.


صباح الحب ومساؤه
@Dr_Sadoun



الأحد، 15 يناير 2012

إعتذار

طفلة هي أنا في الأربعين من العمر
طفولتي ليست بريئة... لكنها ساذجة
توقعني في مطبات وتحرجني في مواقف
وبين هذا وهذا.... ضائعة أنا


عند غياب التفاصيل.... تفقد الحياة نكهة الحقيقة عندي
تفقدني الأمان في حديثي


عذرا لكوني مختلفة
قد أكون عادية
لكني بالتأكيد مختلفة
أعلم قدر نفسي
وأعلم قدر الصدق عندي
لذا.... أحترم نفسي، وأصدق وجودك..... كما أنت


@Dr_Sadoun


الأربعاء، 11 يناير 2012

صديقي المُتَوْتِر


                                                                                      



صديقي الجديد:
عرفتي في عالم المغردين باسمي الحقيقي أو باسم مستعار...@??_????
جمعتني بك حرقة ولوعة على الوطن.....#Bahrain
تشكلت لدينا تساؤلات مشتركة حول كيف ومتى ولماذا.....
قد أكون لك مجرد رقم يتبعك، لكني أنظر إليك بكل فخر وتقدير...Followers (?????)


حدودي في عالم تويتر كالتالي:
ريتويتاتي لك تعني أنني أؤيد كلامك RT
ريبلاي تعني أعجبني ما كتبته، وأرغب في التعقيب Reply
عند وضعي لتغريدة لك في الفيفرت، فهذا دليل على أهميتها Favorite
هنا تستطيع أن تخاطبني حسب تغريداتي، وتبعا لذلك. وإن أَشْكَل عليك شيء فلا تطلق عليّ أحكاما قبل أن تقرأ تغريداتي السابقة.
هذا أنا في تويتر. هذا فقط. أما شخصيتي وطباعي وحياتي فهي أكبر من هذا بكثير.


                                                                             
إن صدف وتعارفنا شخصيا ورغبت بصداقتي ... فاعطني فرصة كي أفهمك، وسأعطيك فرصة كي تفهمني... فأنا لن أكتفي حينها بالمئة والأربعين حرفا... بل سأقول المزيد.... لأنني أتكون من المزيد.
أنا في عالمي الواقعي حقيقة. أما في تويتر فأنا عصفورة تغرد مع السرب.


دمت في خير ومحبة
@Dr_Sadoun

الثلاثاء، 10 يناير 2012

خواطري....

خواطري في دنيا الهموم هموم......
وفي دنيا السعادة... سحاب وسراب....
تتناثر فوق أحرف النسيان.... فتضيع


تشتاقني وأشتاقها....وبين لحظات الأنين
يعود صداها....
فتعانق أصابعي قلمي، وتخط آهات وحنين...
تحرق ثوب صلاتي بطهرها وتعود....
لتبحث من جديد... عن استغفارة حارقة....
وتعود.....
 لتلقي بنفسها.....
بين صفحات ذكرياتي


@Dr_Sadoun

فنجان قهوة

أجمل ما في صباحي.... فنجان قهوة سوداء.... يفتح أفق يومي برائحته المميزة. أرتشفه بهدوء وبتلذذ. وكلما ارتشفت رشفة كانت التالية ألذ منها... ورغبت في أن لا ينتهي فنجاني.
للقهوة التركية حكاية طريفة، كبرتُ فيها ومعها . حكاية قهوتي بدأت مع سنوات الدراسة الجامعية. فقد كنت قبل ذلك لا أستسيغ شربها عندما كانت أمي  تعدها لأبي. لكنني كنت أعشق شذاها الذي كان ينتشر في أنحاء المنزل.
في يوم دراسي جامعي، جلست مع صديقاتي في إحدى الكافتريات. وقامت كل واحدة بطلب فنجان من القهوة التركية. وكان من المتعارف عليه بيننا أن من لا تشرب القهوة لا تكون ناضجة. فماذا أفعل؟ أأطلب فنجانا مثلهن، أم أكون صغيرة في نظرهن؟ طبعا قررت أن لا أكون موضوعا لسخريتهن طوال أيام الفصل الدراسي وقلت لنفسي جربي... ما الضير؟
وعند وصول الطلبات، قامت كل واحدة بالهجوم الشرس على فنجان قهوتها، وقمن بإصدار أصوات التلذذ والاستمتاع بطعمها العجيب. نظرن إلي وكلهن دهشة لمَ لمْ أبدأ بالشرب بعد. فقلت لهن إني أحب شربها باردة قليلا. فتمتمن بأصوات الإعجاب والتأييد. مما أثار دهشتي. الظاهر أن من علامات إدمان  القهوة الانتظار إلى أن تفتر قليلا! رب رمية من غير رام.
المهم مرت الثواني والدقائق ولم يعد في جعبتي سببا ولا حجة لتأجيل شربي لفنجاني. فاختلقت لهن قصة . أخبرتهن أنني أستطيع أن أقرأ لهن ما تخفيه فناجينهن من أسرار. سأكون قارئة الفنجان يا ولدي.
وما إن تفوهت بهذه الكلمات حتى انهالت الفناجين المقلوبة بالتدافع صوبي في محاولة لاحتلال المركز الأول. قلت لنفسي: جاء الفرج. أخذت أول فنجان وقمت بدراسة الخطوط والأشكال التي رسمتها القهوة. فبالنهاية أنا طالبة فنون جميلة، وأستطيع رؤية أشكال وصور، وتوظيف ذاكرتي البصرية في ذلك. قلت للأولى سوف تصلك رسالة من شخص تحبينه. على أيامنا لم تكن الهواتف النقالة قد خُلقت بعد. ولم تكن هناك وسائل للاتصال بين الأحبة سوى الورقة والقلم. إيههههه.... كانت أيام عز.
قلت لها أن عدة أمور حلوة سوف تحدث لها بعد إشارة أو ممكن إشارتين. فسألتني: ساعة ساعتين أم يوم يومين؟ فقلت لها: لا.. بل ساعة واحدة. ولا أدري من أين جاءتني هذه الثقة وهذه الشفافية.
وأثناء حديثي مع الصديقة قبل الأخيرة في القائمة، قامت أول واحدة بالصراخ والقفز للأعلى والأسفل. فقد مرت بالصدفة صديقتها التي تشترك معها في صندوق البريد وأحضرت لها رسالة. نعم كانت تلك الرسالة التي تنبأتُ بها. وما هي  إلا لحظات حتى قامت الثانية بالحلف أن ما قلته لها كان صحيحا. وكذلك الثالثة، والرابعة.
ما أصغر عقولكن... قلت في نفسي. لكنني أسهبت في التنجيم، وفي اختلاق القصص المرتبطة بالأشكال. وفي لحظة ضائعة... وجدتني وقد شربت فنجاني كاملا. كانت لحظة امتزجت فيها نشوة الانفعال مع خيالات عقلي الحالم. ووجدتني بعد فترة أطلب فنجانا آخر، وواصلت دعابتي القصصية مع صديقاتي حتى آخر واحدة.
نظرت صديقاتي بإعجاب وبتقدير لهذه الموهبة التي أملكها. وقمن بإخبار صديقاتهن بأنني أستطيع قراءة الفنجان. وما هي إلا لحظات حتى امتلأت الكافتيريا بالطالبات الاتي أردن معرفة ... حبيب القلب مستخبي في أنهي داهية.
وفي هذا الموقف، اضطررت أن أعتذر لهن بلباقة. وتذرعت لهن بأنني لا أستطيع قراءة أكثر من ستة فناجين وإلا فإن النبوءات لن تتحقق. فقامت صديقاتي بإبعاد القادمات الجدد، فيا حبيب ما بعدك حبيب.
كان هذا الموقف الطفولي هو النقطة الفاصلة التي جعلتني من عشاق القهوة. لا أدري كيف مضت سنواتي السابقة دون هذا الطعم الآسر. ولا أدري من أين تولدت لدي هذه القدرة على التأليف.
طبعا بعد فترة ونتيجة للالحاح والطلب المتزايد عليّ، اضطررت أن أعترف لصديقاتي بأنني كنت ألهو معهن، وبأنني لست منجمة ولا عالمة في هذا المجال. ولكن بقي سر منشأ هذه القصة بأكملها في طي الكتمان.
ولم يبق من هذه الذكرى سوى طعم أول فنجان قهوة لي، واستغفاراتي المتواصلة على قيامي باللهو في عالم التنجيم والخرافات.
ومن حينها.... صار فنجان القهوة التركية رفيق صباحي ورفيق مسائي. لا تحلو لمة العائلة إلا حوله، ولا يكتمل عطر ايامي إلا به.
فلتحيا القهوة ولتحيا رائحتها.....


@Dr_Sadoun

قمة المآسي

قمة المآسي أن تقدم روحك فداء لهم ويخرج من يقول: حالتكم لله!


قمة المآسي أن يقال: عندما كانت البحرين تمر بأزمة.... وكأننا خرجنا منها.


قمة المآسي أن تقدم حلولا للأزمة، ويخرج من يقول: الحكومة ترى مالا تراه.


قمة المآسي أن يوقع أحدهم على اتفقاقيات ومعاهدات، وتتحمل أنت نتائج اجتهاده.


قمة المآسي أن يخدروك ببسيوني، ويقعدونك على المصالحة.


قمة المآسي أن يصبح رجل الأمن ضحية.. يستجدي الرحمة من المجرم.


قمة المآسي أن تعفو عن مسيء وتبتعثه ليصبح معلما مبجلا.


قمة المآسي أن لا تطبق القانون، وتتوقع عودة الأمان.


قمة المآسي أن يصبح القانون مطاطيا ينزل العقوبات ويرفعها.


قمة المآسي أن لا تعرف أنك تعيش في..... قمة المآسي......


@Dr_sadoun

الأحد، 8 يناير 2012

رسالة إنسان

نحتاج وسط الأزمات أن نشعر بأننا متشابهون. عندما تغضب من إنسان... تذكر بأنه مثلك. عندما ترغب في الانتقام من أحدهم... تذكر أنه يتكون من خلايا وأوردة وشرايين.... عندما تستبيح لنفسك قطع هذه الشرايين، وتسيّل ما فيها من دماء... تذكر أنه مثلك بالضبط: إنسان.


غابت عن أعين كثير من البشر صفات التشابه بيننا. وحل محلها أحجيات الفروق السبعة. وصار هَمّ الكثيرين التأكيد على إيجاد هذه الفروق رغم تجاوز أوجه التشابه للرقم سبعة.


منهج الفوضويين في الحصول على أهدافهم غالبا ما يسيء لإنسانيتهم. الغاية تبرر الوسيلة من أكثر الرخص التي يستخدمها هؤلاء لتسويغ أفعالهم وأفكارهم. وهي في الحقيقة من أكثر التبريرات ضعفا وبعدا عن المسئولية. فعند قطع شارع، ووضع العراقيل في الطرق التي يستخدمها الناس، قد يحقق منفذ هذا الارهاب ضغطا معينا على الحكومة. لكنه يغفل في نفس الوقت إمكانية تعرض مستخدمي هذه الطرق للأذى والتعطل. الأخطر من هذا استباحة دماء رجال الأمن وحتى المدنيين العزل، لتحقيق أجندات وضعت وحيكت بحقد أعمى. وكان هدفهم على ما يبدو استغلال العقيدة وزجها في مساومات لا تليق بها، ولا في سمو ركائزها.
أعود فأقول: إنسان يعني بشر.. بشر يعني روح وجسد... جسد يعني فناء... متى يدرك مسببي الفتن أننا كما ولدنا نموت، وكما خلقنا نبعث ليوم تشخص فيه الأبصار؟ ألا تستحق فكرة الموت إعادة لحساباتك؟ ألا تستحق فكرة الوقوف بين يدي رب عادل أن تراقب تصرفاتك وتتقيه فيها؟ رغم ألم الأحداث التي عصفت بالبحرين إلا أنني أحلم يوميا بعودة الأمور... لن أقول كما كانت، ولكني سأقول عودتها إلى روح الإنسانية والانتماء لوطن واحد صغير يتسع قلبه وأرضه لاحتضان جميع أبنائه. هل سيتحقق حلمي يوما؟


@Dr_sadoun

الأربعاء، 4 يناير 2012

كيف تفهم المرأة


يحكى أن رجلا عاش في جزيرة نائية. وفي إحدى الليالي ظهر من أحد الجبال البعيدة طيفٌ لم يميزه الرجل. اقترب هذا الطيف أكثر وأكثر. بدا للرجل أن هذا القادم غير غريب.... هو شيء يشبهه، لكنه مختلف.
وقف الطيف أمام الرجل.... سادت لحظة صمت امتد سكونها في الأفق. تصرف الرجل بعفوية وأمسك خصلة شعر تتطايرت من على وجه يشبه القمر. وقال: من تكون؟ من أين جئت؟ ما أنت؟
رد الطيف: أنا المرأة. قال الرجل: ومن أين جئتي؟ ردت: جئت من حاجتك.... ومن أحلامك... ومن كل ذكرياتك الجميلة.
فقال الرجل: أأنت هنا لخدمتي؟  ردت المرأة وفي عينيها انكسار وخيبة: أنا منك وأنت مني.... أنا روح يجب أن تسكنك وأن تتغلغل في أعماقك.... أنا جزء مساوٍ لك ... أنا شريكتك في تكوين عائلتك.... سكتت ثم تابعت: أنا بدونك لا أعيش.... وأنت بدوني لا تكون.
قال الرجل وفيه فضول يكاد يخنقه: سألتفت إلى احتياجاتك لاحقا. تعالي وحققي لي كل ما وعدتني به.
مرت الأشهر وتلتها السنون.... كانت الأيام تمشي بوتيرة واحدة: يدخل الرجل بيته فيجد طعامه مهيأ، ويجد أطفاله في أجمل حله.... ثم ينام ثم يصحو ثم ينام ويصحو..... وهكذا استمر الحال....
وذات صباح ضبابي غير مشمس، تصاعد بين غيمات الندى أنين خافت، شق سكون الكون بحزنه. امتلأ المكان بغضب هز أركان الجزيرة، فتبخر الندى، وانقشع الضباب. كانت تلك أنات المرأة.....بكت بحرقة ونزلت دموعها لتكشف عن معنى مؤلم للحزن.
استيقظ الرجل وفي نفسه تساؤل حول سبب هذا التنغيص في حياته؟ لماذا تحولت هذه المرأة الرقيقة اللطيفة إلى شيء لم يعهده من قبل؟ لماذا لم يعد يشعر بلهيب حارق كلما لمس يدها؟ لماذا زالت من عينيها نظرات الحنان؟ أين ذهب ذلك الوهج المتقد في وجنتيها؟ ماذا حدث؟
سألها ماذا بك؟ وما إن تحركت شفتاها بالحديث حتى قاطعها.... وأنّبها... ولامها. فسكتت وإزداد الجو غرابة. لم تتحسن الحال. فعاد وسألها وفي يقينه أنه لم يرتكب خطأً. إنها هي المتسبب بهذا الوضع: ماذا بك؟ هل أنت في إحدى فترات غضبك الشهرية؟؟؟؟ هل أنت بحاجة إلى أدوات جديدة لمطبخك؟ هل أنت متوترة بسبب شيء اقترفتيه؟ لأنني أستطيع أن أنهي كل مشاكلك كما تعلمين.
تركته في محاولاته الفاشلة لتفسير غضبها... تركته حرفيا... وعادت من حيث أتت.... بحث عنها في كل مكان.... افتقد عند رحيلها كل شعور بالجمال والراحة.... بحث عنها حتى داخل أعماق البحر... بحث عنها بين دقات قلبه.... أصابه شعور ما اعتاده من قبل...حدّث نفسه وقال: أيعقل أن أشعر بـِ..... بحاجتي إليها؟؟؟؟ أيعقل أن أشعر بأني ناقص بدونها؟؟؟؟ وفي لحظة إنسانية تجردت من عنجهية الرجولة، استفاق حلم هادئ.... برز من بين ثنايا أفكار روحانية تحلق فيها رحمات وإنسانيات لا تعرف لها جنساً. لم يكن هذا الحلم يعرف إن كان رجلا أم أنثى..... استفاق وقال: أنا إنسان....
جلس الرجل إلى جانب هذا الحلم وقال له: أرجعني إلى عالمك.... خذني إلى حلم السعادة الذي عشته معها..... حلق بي في سماء الماضي وأسكني في زواياه. أرجعني إلى حضنها الدافئ وإلى قلبها الحاني.
ومرت نسمة باردة مصحوبة بأحلى عبير يمكن أن يستنشقه بشر. أغمض الرجل عينيه، وذهب مع حلمه إلى عالمها. وجدها هناك جالسة فوق غيمة بيضاء.... تمرر أصابعها النحيلة بين نسيجها الحريري الأبيض... وجدها صامته ولكن صمتها كان بديعا...
احتضنها بقوة.... وبنفس القوة احتضنته.... تدفق الوهج من جديد وعادت اللهفات تخرج من بين أنفاسهما. أهكذا هي الحياة؟ اثنان؟ تسائل الرجل.... أنا و..... أنت؟؟؟؟
ازدات صمتا وازدات حياء... شعرت للمرة الأولى أنه بدأ ..... يفهم...
قال لها: أرجوك تكلمي .... حدثيني عنك.... أفهميني نفسي... فأنت اليوم النفس والنفس أنتِ. قالت له: اسمعني بقلبك.... قبل أذنك، أنا بك ومعك أكون. أنا بشر ومشاعر... أحتاجك وأحتاج رقتك ورأفتك. عندما أغضب.... ضمني إليك. احتويني بقوتك، ولا تقهرني بها. إن أخطأت فعلمني ولا تلمني. استشرني واستمع لنصحي. إن ارتفع صوتي فذكرني بأنوثتي وبجمالي. لا تعاتبني على اهمالي لنفسي.... بل أشعرني بحاجتك لي وبكل حالاتي.... ساعدني في مشاغل بيتنا.... شاركني قراراتي فيه. إن ابتعدت عنك فقربني إليك بوردة تغير بها كل حالات القلق عندي. قربني إليك برحلة نقوم بها وحدنا. ...لكن أتدري ماذا أحتاج أكثر؟؟؟؟ أحتاجك أن تسمعني وأن تدعني أنهي حديثي. شاركني في حل المشكلات ولا تحملني إياها.
هز رأسه ومد إليها يده وقال: اتسمحين بأن تزيني حياتي بوجودك؟ لم تترد.. فقد فهم أخيرا...فأشرق وجهها، وأشرقت معه ألوان الفرح. ومن بين سعادتهما سطع نورعكس صفاءه على وجه الحقيقة..... فزالت معه عتمة الجهل. وحل مكانها تناغم آسر، حول حياتهما إلى..... حياة


@Dr_sadoun

رسائل 2

الرسالة الثانية

عزيزتي الأخت والصديقة والأبنة.... عندما تقدمتِ للحصول على رخصة السياقة، كان أهلك وصديقاتك من المباركين والمهنئين لأقدامك على هذه الخطوة. وعند حصولك على رخصة القيادة.... شعر والداك بالفخر .... وقاما بشراء سيارة جديدة لك.
نزلت إلى الشارع وقمت بالقيادة بدون مراقب ومشرف. ما الذي حدث الآن؟ كانت ملاحظاتي حول قيادتك كالتالي:

- الشارع كان ملكا لك.... تنقلت من مسار إلى مسار دون استخدام المؤشر.

- التزمتِ السياقة على المسار الأيسر وكنتِ على سرعة 60 كيلو متر بالساعة، ولم تلتفتي (عمدا او عن غير قصد) لمنبهات السائقين الآخرين الذين دعتهم ظروف مختلفة للسرعة ولتجاوز السيارات. فمنهم الذي يُقِّل مصابا أو مريضا، ومنهم من يشعر بتوعك ويرغب بالوصول إلى بيته، ومنهم من يقود على السرعة القانونية ويرغب بعدم وجود ما يعيق طريقه، وغيرها من الأسباب. لقد شهدت بأم عيني حادثا حصل أمامي مباشرة. كنتُ أقود في شارع ذو مسارين، وكانت سيارة تقودها إمرأة على المسار الأيسر وكانت تقود بسرعة بطيئة جدا. وكان خلفها سيارة ذات دفع رباعي حاول قائدها بشتى الطرق أن يبلغ السيارة أمامه بأنه يرغب بالتجاوز لكن دون فائدة. فحاول الانعطاف بسرعة إلى اليمين وتفاجأ بسيارة تمشي ببطئ لكنها على المسار الصحيح. ولكي يتجنب الاصطدام بالسيارة التي على اليمين، وبالسيارة التي على اليسار، ونتيجة لسرعته فقد انقلبت السيارة (الجيب) وارتطمت بالجزيرة في منتصف الطريق، وقسمت النخلة الموجودة فيها إلى نصفين. أحمد الله أنني كنت على مسافة كافية من الحادث. وإلا لما كنت موجودة لأخبرك بهذه القصة. المؤسف في هذا كله أن السيارة المتسببة بالحادث (بإصرارها على عدم إفساح المجال للسيارات الأخرى باستخدام الخط السريع) تابعت سيرها ولم تتوقف حتى للمساعدة أو للاتصال بالاسعاف.

- في الشوارع التجارية كنت تقودين في منتصف الشارع وعينيك كانت على المحلات والمعروضات ولم تنتبهي أن هناك آخرين يستخدمون الشارع ويرغبون في الوصول إلى وجهتهم.

- عند دخولك إلى الدوار كنت تتنقلين من المسار الأيمن إلى الأيسر والعكس دون استخدم المؤشر.

أختي... صديقتي.... ابنتي: ربما كان النقد لاذعا، وربما نقدي لم يبين جوانب الالتزام والتقيد بتعليمات وأنظمة المرور، لكني أحببت أن أشير إلى ملاحظات عامة مشتركة حصلتُ عليها من خلال خبرة ما يقارب العشرين عاما في القيادة. لا أدعي الكمال ولكني أطمح لأن تكوني مثالا يحتذى من قبل جميع مستخدمي الشارع. دمت بحفظ الله ورعايته.