الثلاثاء، 17 يناير 2012

حلم





استيقظت يوما على ملامح حلم رقيق. حلم كان أقرب ما يكون للوحة من اللوحات السريالية التي بدأتُ في رسم البعض منها مؤخرا.
تكوينات حلمي جزء من واقعي ..... تتناغم فيه أمنيات المستحيل مع حقائق الممكن.
يبدأ حلمي بأرض سهلية خضراء، تتناثر فيها حجارة لامعة متعددة الألوان....
وبين مساحات اللون الأخضر المتدرج...... نبتت زهرتين: زهرة النرجس، وزهرة البنفسج... كلتاهما من أحب الزهور إلى قلبي.

تشكلت أرضية حلمي، وتوزعت فيها رواسخ جميلة من طيف ذكرياتي. فها هي زهرة النرجس قد نبتت من بين ذكريات طفولتي.
إنها أول زهرة زرعتها في حياتي.... علمتني الكثير...تعلمت منها أن أساس الشيء ليس له علاقة بشكله النهائي. تماما كما هي حقيقة الدودة.... شكلها قبيح... تزرع في نفسي معاني التطفل.... ولكنها تستتر بخجل في شرنقتها، ثم تتمخض وتخرج كائنا خياليا...
وهكذا هي زهرة النرجس. تزرعها في الأرض بصلة.... فتخرج لك زهرة عَطِرة....

وفي وسط لوحتي الحالمة... نبتت فتاة ملامحها كانت شرقية.
سمراء بلون القمح....و شعرها أسود كوشاح حريري تحمله نسمات حلمي في حركة سحرية. ومن بين حجارتي اللامعة سطع لون أزرق. شكله يشبه صندوق مغلق
حملته الفتاة ورغبت في فتحه.
وجدته مليء بالكتابات وبالحروف من الخارج... حاولت فك سره وكشف غموضه،،
قرأت أول رسالة: هذا صندوق السعادة ... لن يُفتح إلا بقلبك.

حارت الفتاة في أمره.... قلبته لتراه من كل الزوايا..... وفي كل واجهة كانت تقرأ بين الحروف كلمة.... حب.
لم تفهم الفتاة سر ارتباط فتح السعادة بالحب.... لكنها وببراءة وعفوية...قررت فتح الصندوق بالقوة.
استعانت بالصخور وبكل الأدوات التي وجدتها في أرضية الحلم..... وأخيرا..... فٌتِح الصندوق.
خرجت منه كلمات على شكل غيوم بيضاء.... بعضها كان رماديا، لكن الغالبية كانت بيضاء.
وجدت نفسها تحاول الامساك بسراب يتبخر من بين يديها...
وما إن لامست يدها غيمات السعادة... حتى انتفض قلبها وولّد نبضة ذات إيقاع فريد.. عزف مع تصاعد كل غيمة لحنا ما سمعته في حياتها.
حملها هذا النبض على الرقص بخطوات رشيقة في قصر زجاجي شفاف شيده لها حلمي.
تمايلت كأجمل وردة تحركها نسمات الربيع الهادئة.... رقصت على أرضية تشبه الألماس في صفائها ونقائها.... وعكست كل تفصيلة من تفاصيل أحاسيسها الوادعة.

وبعد فترة أحست بالملل... كلا لم يكن شعورا بالتعب... فهي كانت تتهادى بين نسمة وأخرى... وكأن هذه النسمات هي من رسم لها تصميم رقصتها. أفاقت من نشوة الفرح لتجد أن قصرها الزجاجي قد اختفى.... واختفت من الأرض زهورها وصخورها.... اختفت الألوان من هذا المكان.... طغى اللون الرمادي في محيط حياتها.
بحثت عن نبضات قلبها فوجدته يخفق بإيقاع رتيب... اختفى اللحن من نبضاته.... واختفى الاهتزاز الرائع الذي كان يسري في جسدها.
وجدت الصندوق أمامها.... أخذته وبدأت تتعلم.....
خرجت منه كلمات حمراء كغيمات الشفق الأحمر..... جمعتها ورتبتها فكانت:
بدون أحاسيس الحب لا يمكن للسعادة أن تدوم
تعلم كيف تحب الآخرين.... وستجد الحب واقفا أمامك
سعادة الدنيا لا تعدلها بسمة.... محب
أحبك يعني.... أحترمك
أحبك يعني.... أهتم لأمرك
أحبك يعني.... لا تُسئ فهمي
أحبك يعني..... يؤلمني غضبك
أحبك لأنك إنسان.... أحبك لأنك وُجِدت في حياتي
الحب..... مرتبط بكل الناس وبكل المحيطين بك
الحب.... حب الناس، وحب العاشقين جميعا......

امتلأت لوحتي بغيمات وحروف..... وتحولت اللوحة من رسومات إلى كلمات.... ففهمت الفتاة... وتعلمت الدنيا معها سر السعادة..... فكان هذا السر هو.......حب الناس للناس.


صباح الحب ومساؤه
@Dr_Sadoun



هناك تعليق واحد:

  1. أنتِ مثال الحب ورسم السعاده على وجوه الآخرين
    احبك يا اغلى اخت

    ردحذف